إن مسألة الالتزام بوضع ضوابط مثلى لاستخدام الانترنيت هي اليوم محل خلاف اجتماعي لكن السياسات الإعلامية الدولية ذات العلاقة لا تلتفت إلى مثيل هذه الأمور ولا تعير أي انتباه لأي مخاطر تهدد العلاقات الروحية على المدى البشري العالمي. البحّاثة الاجتماعيون ما انفكوا وهم يشهرون أصابع الاتهام إلى تفاعلات الإعلام السلبي المبثوث عبر شبكة الانترنيت المؤثرة بصورة غير منظورة على الأخلاق وما يبدو حتى الآن أن أحداً من الأصحاب القرارات الدولية المسؤولة عن تثبيت مواد إعلامية محددة لا تعير أهمية لشيء من هذا القبيل ولا تستجيب حتى في إعطاء الفرصة لإعادة النظر بطبيعة نوع مواد بثها تلك المخلة بالتوجهات الإنسانية الحقة. فالأمريكيون مثلاً بصفتهم المواطنية على وجه العموم يرغبون في رؤية المزيد من الضوابط التي توضع على أنشطة ومواقع شبكة الانترنيت، غير أنهم لا يثقون بحكومتهم بحيث يأتمنونها على فرض مثل تلك الضوابط، وهذا ما أظهرته دراسة مسحية حديثة قامت بها مؤخراً مؤسسة (ميركل) المستقلة التي يقال أنها لا تهدف إلى الربح فقد قال: ((63%) ممن شملتهم الدراسة الآنفة و(83%) من مستخدمي الانترنيت أن لديهم آراء محبذة للانترنيت، وقال (47%) أيضاً أن الشبكة (مصدر قلق) وإن أهم ما يقلق فيها هو (الخلاعة) والعنف، والخصوصية، وغياب المساءلة، وقال (54%) أنهم لا يعرفون إلى من يلجأون إذا ما صادفتهم مشكلة وهم مرتبطون (على الخط). وبعض الواعون في الرأي العام يجمعون على ضرورة استبعاد الحكومة من أي جهد في هذا الإطار في حين قال آخرون أن على الحكومة تطوير قوانين حماية الناس المستخدمين للشبكة وتطويرها وبالذات في المجال الروحي. وتحاول العديد من الدول باذلة الجهود من أجل الإسراع للخروج من دائرة التهميش التكنولوجي التي بدأ يفرضها العصر الرقمي.. وقد وجد التقرير السنوي للتنمية البشرية لسنة 2001م الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للتنمية (UNDP) حول فجوة مدى قتامة الصورة حالات التباين البائن بين ما أعلن عند البدء بمرحلة بث المعلوماتي وكيفية إمكانية التعامل معها الآن إذ وجد: (إن تلك الفجوة تتسع كثيراً بين العالم المتصل بالانترنيت ووسائل الاتصال الأخرى وبين العالم الذي لم تتح له القدرة على هذا الاتصال، هذا وفي وقت أعرب فيه التقرير عن اعتقاد الأمم المتحدة بأن المعلومات وتكنولوجيا الاتصال يمكن أن تساعد في تجاوز عقبات العزلة الاجتماعية والاقتصادية والجغرافية بين الأمم، وفي تحقيق تقدم سريع للدول التي تختار طريق التكنولوجيا الجديدة كخيار لتحقيق التقدم ولكن ليس بالضرورة أن يكون هذا التقدم بإطلاق العنان اللامسؤول للمواد المبثة بواسطة الانترنيت. إن بعض الحكومات تواجه مشكلة الكيفية التي تستطيع منها منع مواد معينة تبثها شبكة الانترنيت أو على الأقل تعيق الدخول على تلك الشبكة بعد أن أضحت حرية تدفق المعلومات الانترنيتية في جانبها السلبي تهدد سوية الإنسان الأخلاقية أكثر مما تبنيها وبالذات في ظل الآفاق المفتوحة دون قيد حول ما يراد من بثه دون ضابط أخلاقي. في دراسة فرنسية نشرت مؤخراً تبين: (أن هروب الزوج إلى المكوث طويلاً أمام الانترنيت هو نوع من العقاب النفسي والقاسي للزوجة ووسيلة إغلاق كل منافذ التواصل سواء بالكلام أو الإنصات مع الزوجة، وإنكباب الأزواج على الانترنيت يعني أن الزوج غير سعيد بأسلوب وتصرفات زوجته في الحياة، والصورة الأخرى الأكثر تأثيراً في تفتيت العلاقات الزوجية الحميمة إن بعض المحامين الكافلون لإنجاز معاملات الطلاق يؤكدون أن الانترنيت أصبح حالياً أحد الأسباب الرئيسية في انهيار العلاقات الزوجية بعد أن أصبح الانترنيت أداة للتجسس على شركاء الزوجية. ونقلت وكالة رويترز في طوكيو بحسب ما أفاد به كشف للحكومة اليابانية مؤخراً: (أن أعداد الضحايا الشبان لموقع على الانترنيت للمواعيد الغرامية يورطهم في الوقوع في دعارة تستهدف القصر والأطفال، وفعلاً فإن قضية حماية الأطفال من المواقع الإباحية والمتطرفة على شبكة الانترنيت هي قضية أخرى تتصدر الاهتمام الواسع أيضاً عند خبراء التقنية للحيلولة دون تواصل الأطفال من سن 8 إلى 14 سنة مع المواقع الإباحية واستلامهم الرسائل الفورية التي تحمل عبارات إيحائية أو صور خليعة او عناوين لأخبار كاذبة، لذا ففي أمريكا مثلاً أعلن عن موقع يسمى (كيدفو) مهمته توفير الحماية اللازمة للأطفال من خلال التصدي لرسائل البريد المرفوضة أخلاقياً حيث خصص الموقع مراقبين لغرف الدردشة وتصفح ما يدور عليها بواسطة شبكة الانترنيت لكن التجربة ما تزال في بداياتها، هذا ورغم جميع الجهود المبذولة فالفجوة بين ما يفيد أو يضر الإنسان والمجتمعات ما تزال في اتساع متوالٍ |
الانترنيت... والأخلاقيات
التسميات:
General topics
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق