حتى الأمس القريب كان معظم الناس يفسرون مصطلح (المعلوماتية) على كونه ضرب من الوصف لإحاطات شمولية من المعلومات يمتلكها هذا الطرف أو ذاك سواء على الصعيد المؤسساتي أو الصعيد الدولي. وما لم يخطر على بال العديد من المتابعين للحركة الإعلامية إذا جاز التعبير بهذه التسمية. إن في غاية امتلاك المعلومات الأشمل أن تكون هناك سيطرة ما على المجتمعات لصالح مالك المعلومات وما عزز مثل هذا الاعتقاد أنّ جمع المعلومات قد شملت حتى معرفة ماهيات وإمكانات البنى التحتية للمجتمع الواقع عليه الاختيار حتى يتمكن القول أن تسريب الكثير من المعلومات قد أدى إلى خلق حالة من التحدي الكبير بين المجتمعات المخترقة معلوماتها لصالح دول أخرى بحسب الاعتقاد السائد المستند لتجربة العلاقات الدولية وتحديداً مع بعض بلدان الغرب التي يهمها أن تعرف كل شيء عن أي شيء لدى البلدان النامية. لكن هذا التحدي يشوبه شيء من الحذر الممزوج بالصمت. أما الكبار في ا لغرب ممن تحلو لهم روح الهيمنة والمغامرة فلا شاغل لهم إلا كسب معلومات إضافية حتى مما يعرفونه عن الأوضاع السائدة في البلدان التي تقع ضمن الإستهدافات الرقمية والمصنفة لها لتبيان نوعها فيما إذا كانت بلدان ممكن أن توضع على قائمة الرابطة الغربية حتى وإن لم تكن عاملة ضمن اصطفافاتها وربما كان ذلك أحد إفرازات 11 أيلول في أمريكا. وقضية محتوى المعلومات وحجمها تجري عليها اليوم دراسات لتوضيح ماذا إذا كانت أي معلومات غير مهمة الآن ولكن ستكون لها أهمية في المستقبل حتى ظهر اليوم مصطلح بذي (صناعة محتوى المعلومات). وتفيد دراسة وثقتها دائرة اليونسكو في باريس: أن المؤسسات الإعلامية توشك أن تتحول إلى مستودعات لمحتوى المعلومات، إن اللعب بالجذب أي جذب الآخرين بات اليوم أحد أهم انتهاجات العلاقة بين جهات عديدة. وبديهي جداً فأمام الوعي بما يجري حول بلدان العالم النامي من انتهاكات معلوماتية تذهب أرقامها وحقائقها إلى بلدان أخرى يفترض أن لا تكون علاقاتها الدولية مع الغير تضمن متابعات إمكانيات الدول الأخرى. ويبدو أن الإعلاميين العرب بشخص قادة قلة منهم يتابعون الخطط الإعلامية الموضوعة لتشويش الإعلام العربي. ومن جانبها قامت جامعة الدول العربية في شهر حزيران الماضي بإصدار قرار لإنشاء (مركز عربي للرصد الإعلامي) والذي سيبدأ عمله ضمن دوائر الجامعة العربية في مطلع شهر آب القادم كأكثر احتمال. إن التقنيات الحديثة تستطيع أن توفر رقابة دائمة لكل ما يفعله البشر وفي أي مكان في ا لعالم ومثل هذا القول التعميمي ينبغي أن لا يخيف أحداً رغم أن فيه شيء من الصحة وكثير من المبالغة وصحيح جداً أن العالم يعيش ا لآن ثورات علمية وتكنولوجية في عصر جديد لم تتضح كل معالمه بعد فثورة الاتصالات قد أفرزت واقعاً جديداً يتمثل في إمكان التجسس والتنصت على أي شيء وكل شيء في أي مكان في العالم. وتستمع حالياً أجهزة المخابرات العالمية التابعة لأنظمة الكبار الغربيين إلى ما يدور عبر الهواتف ويبث على الكمبيوترات والفاكسات وعبر البريد الإلكتروني حتى تسرب خبر حديث يقول أن المخابراتيين الكبار بدأوا يرقمون البشر بأرقام مسلسلة وتزرع رقائق الكترونية في أجسادهم ليسهل لهم متابعته ومراقبته محصين بذلك حتى أنفاسه. ويبدو أن مبدأ جعل الكبير أكبر والصغير أصغر هو الآن من ثوابت غاية مخترعات شركات التقنية الكبرى في العالم بعد أن أفلحت تلك الشركات بسلب خصوصية الإنسان والإجهاز على ما تبقى له من حرية مزعومة. لقد أضحت المعلوماتية اليوم عن حقيقة لا جدال حولها متخطية كل ما أفادت به عند بدايات التبشير بها قبل أكثر من عقد من السنوات لكن ما أظهرته التجارب على أرض الواقع أنّ المعلوماتية تخطوا خطوات واسعة لتقسيم العالم لتكتلات استراتيجية سياسية لا ينال الرضى فيها من قبل الكبار إلا من صمت عن قول الحقيقة وأغلق أذنه عن سماع شيء منها ووضع عقله ليجمد في فريز السياسة المعاصرة، ومع كل ذلك فالسلامة ليست مضمونة حتى للمطبلين للمعلوماتية المعادية التي تقدم نفسها بثوب الدعوة إلى صداقة حقة!. |
المعلوماتية تقسم العالم إلى تكتلات استراتيجية
التسميات:
General topics
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق