ظلت تقنية الرادار مرتبطة في الأذهان بالضخامة وكبر حجم أجزائها، مثل الهوائيات الدوارة في المطارات التي توجه عادة صوب السماء ومدارج الإقلاع والهبوط. إلا ان حجم الرادار، شأنه شأن الكثير من التقنيات الحديثة، بدأ يصبح أصغر فأصغر. وآخر ما جرى التوصل اليه في هذا المجال هو اختصار الأجزاء المنفذة لمهام الرادار، في رقاقة سيليكون معقدة التصميم، يضاف اليها ثمانية هوائيات صغيرة، طورها فريق من مهندسي الإلكترونات في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا. وقد تمكن هذا الفريق من اختصار الاجزاء التي يشغلها نظام الرادار في مجرد رقاقة، بما في ذلك توليد الطاقة واصدار الاشارات، فضلا عن عشرات المهام الاخرى التي يؤديها الرادار. وتم تصميم الدوائر الكهربائية بشكل متواز، بحيث ات تعمل الهوائيات الثمانية معا، للتركيز على توجيه حزمة من الموجات القصيرة. ورغم الطبيعة المعقدة لتصميم الدوائر، فإن رقاقة السيليكون يمكن انتاجها بكميات كبيرة باستخدام طرق ليثوغرافية (طباعية) غير مكلفة، وفقا للدكتور علي هاجيميري، استاذ الهندسة الإلكترونية المشارك والمشرف على المجموعة التي تعمل في مجال تصاميم الدوائر المدمجة الفائقة السرعة التي انتجت الرقاقة. وقال البروفيسور هاجيميري انها لن تكلف سوى بضعة دولارات فقط. أما حزم الموجات ذات الترديد العالي التي ينتجها نظام الرادار ويستقبلها، فربما تستخدم في احد الايام في اداء عدد من المهام من ضمنها اداء الاعمال العادية للرادار. مثل تحديد المدى والمواقع. كما يمكن في السيارات، على سبيل المثال، استخدام الرقاقات لتحديد السيارات الاخرى التي يحجبها مدى الرؤية السيئ في حالات الطقس الضبابي. ويمكن ايضا استخدام الرقاقة للاتصالات اللاسلكية، لأنها تشتمل على نطاق ترددات واسع للاتصالات. وبوسعها ان تنتج تدفقا من البيانات الرقمية بنفس معدل التدفق المار بالالياف البصرية. واوضح الدكتور هاجيميري «ان سرعة نظام «دي اس ال» (خط الاشتراك الرقمي المخصص للاتصالات الاسرع بالانترنت) تصل الى عدة مئات كيلوبت في الثانية، بينما يمكن ان تصل سرعة التدفق عبر الالياف البصرية الى عدة غيغابيت في الثانية. وفي المقابل تصل سرعة الرقاقة الجديدة الى غيغابيت واحد في الثانية بسبب الطبيعية المركزة للحزمة المرسلة. ويمكن لتلك الشرائح المزج بين الاستشعار والاتصالات، على سبيل المثال بالنسبة لمجموعة من الدبابات التي تحتاج للاتصال في ميدان المعركة. واوضح فولكان اوزغوز كبير العلماء في شركة «ايرفين سنسورز» في كوستا ميسا بولاية كاليفورنيا «ان استخدام هذه الموجات ذات التردد العالي للغاية، يمكن ان يتيح لك تحديد الموقع، ومسح المنطقة مثل الوطواط». وتصنع الشركة شبكات الكترونية مصغرة، من بينها اجهزة استشعار. واضاف انه «وباستخدام نفس الشريحة يمكنك اجراء اتصالات بسرعات كبيرة وتبادل المعلومات بدون الانتقال الى جهاز آخر». والهوائيات الثمانية المركبة على الشريحة الجديدة ليست مثل تلك الهوائيات التقليدية التي تبدو للناظر على اجهزة الرادار الدوارة. بل انها عبارة عن نثائر لمعدن على لوحة لكومبيوتر شخصي ـ لا تتحرك على الاطلاق، حيث يتم التحكم في قدراتها بطريقة إلكترونية وليس ميكانيكية عن طريق دوائر تقلد سلوك الهوائيات الدوارة. وتصل الاشارات عادة، الى الهوائيات المنفصلة في اوقات مختلفة. ولكن اجهزة الكترونية يطلق عليها «مزيحات الطور» تعوض عن تلك التأخيرات، وهي تتولى الربط ودعم القوة الاجمالية للاشارات لاتجاه معين، وترفض البث من اتجاهات اخرى. وقال دافيد روتلدج استاذ الهندسة الإلكترونية في كالتيك وزميل هاجيميري «هذه عملية ممتازة لانه يمكنك جعل الهوائيات تعمل معا بحيث يمكنك البث في حزمة ضيقة، وبقوة تصل الى 8 اضعاف». ويمكن حماية الهوائيات من الاشارات غير المطلوبة، وحمايتها من التدخل. ويضيف روتلدج «في الهاتف الجوال، عندما يوجد اكثر من هاتف، يحدث تشويش. ولكن يمكن لهذه الدوائر خفض القوة المنطلقة من اتجاهات غير مطلوبة. واستخدم هاجيميري مقارنة بين مصباح الاضاءة وجهاز الاضاءة الموجهة الذي يعمل باشعة ليزر لشرح كيف تتمكن الرقاقة من الاستخدام الافضل لقدراتها. وبينما يضيئ مصباح الاضاءة منطقة بأكملها، فان شعاع الليزر يركز الطاقة على نقطة معينة. واوضح انه «يمكن تركيز الطاقة الموجودة في الشعاع، وارسالها في الاتجاه الصحيح. ولذلك فان قدرة تبلغ مئات من مليواط (مليواط، واحد من الألف من الواط) من الطاقة المتعددة الاتجاهات ليست فعالة مثل طاقة مركزة من بضعة مليواط. |
رادارات أميركية مصغرة توضع على رقاقة إلكترونية تستخدم في الاستشعار والاتصالات بين الدبابات في ساحات المعارك أو السيارات على الطرقات
التسميات:
General topics
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق